الاثنين، 30 مايو 2016

بصراحة يُتوج نفسه ويستضيف .. الأب المُعلم ( د. سعد الفرطوسي ) .

.
.







مهما حاولت أن تصيغَ أنفسها ، لربما تكون أحرفُ اللغة الـ 28 غير كافية لإيجاد وصفٍ قد يليق بالمُعلم الأول والأب لطلاب الطُب البشري في الجامعة السورية الخاصة .

البروفيسور .. الطبيب .. العالم ، سمِّه ما شئت من هذه الأسماء .. فهو وحين يتعلق بهذا الأمر يُفضل الإبتعاد عن كل هذه المسميات مُجرداً اسمه من أي ألقابٍ في تواضعٍ يفتقده الكثيرون .


اليوم .. بصراحة ، يُتوج نفسه باستضافة الأستاذ العملاق د. سعد الفرطوسي الذي يحل ضيفاً ويفتح قلبه لطلاب الطب .. لنُشاهد ولو الشيء القليل من سعد الفرطوسي بعيداً عمَّا نعرف قدر الإمكان 

.
.

سـ : مرحبا فيك دكتور .. بإيجاز كيف ممكن تحكيلنا عن سعد الفرطوسي ؟



أنا د. سعد الفرطوسي ، وُلدت في بغداد سنة 1952 في منطقة قريبة على نهر دجلة اسمها العطيفية، لا زالت هذه المنطقة من أجمل مناطق بغداد .. درست الثانوية وبعد ذلك أثناء سفري وتوجهي لسويسرا مررت مرور عابر بدمشق وعلقت ( يضحك ) لـ 45 سنة فيها .


▃▃▃▃▃▃


سـ : دمشق أم بغداد ؟


طبعاً هذا سؤال مُحرج .. لأنَّه لا يمكن أن أجيبك سوى ببغداد ، في النهاية هو الوطن وهو الطفولة .. هو العشق الأول والعشق الأول مهم ، بغداد ثم بغداد .. تبقى أولاً وثانياً وأخيراً .


▃▃▃▃▃▃


سـ : إيمتا طلعت من بغداد ؟


طلعت سنة الـ 1970 من بغداد وترددت عليها لسنتين 3 .. ثم انقطعت عنها 30 عام ثم عدت إليها بعد هذه الفترة ، كانت العودة مشابهة لعودة أهل الكهف للمدينة ، المدينة تغيرت والشوارع تغيرت والعملة تغيرت .. حتى بيتي تغير والمنطقة تغيرت لدرجة اضطريت أسأل وين بيتنا فدلوني الناس .. كنت عابر للبيت فدلوني وقالولي ارجع لورا ، لما رجعت .. لقيت أنَّ بيتنا صار ثالث بيت بعد ما كان الثاني بسبب تعمير بيت بالقرب منا ، ميزت بيتنا من النخل .. البناء لم يكن مميزاً بقدر ما كان النخل هو المميز لبيتنا .

هذا شيء مهم .. أنه بعد كل هالعمر بقي النخيل هو اللي يميز بيتنا وفعلاً بغداد والحياة العراقية أهل لأن تكون مميزة بالنخيل ، والنخيل معروف أنَّه مأمورين بأن نذكر عمتنا النخلة ، لأنها خلقت من فضلة طينة آدم وهي تختلف عن النباتات الأخرى .



▃▃▃▃▃▃


سـ : طلعت من بغداد كرمال الدراسة ؟


أنا طلعت كنت رايح إلى سويسرا حتى أدرس ويُفترض أن أقضي فترة 6 أشهر قبل أن ألتحق بالجامعة، هذه الأشهر كانت في دمشق .



▃▃▃▃▃▃





سـ : وشو اللي خلاك تبقى في دمشق بهالأشهر وغير رأيك .. هل وقعت في قصة حب ؟


أول شي كان عندي خال عايش بسويسرا ومتزوج سويسرية ، فأمي كانت تقول ما بدي ابني يروح ع سويسرا وياخذ  فرنجية - أجنبية ( يضحك ) ، فلما أنا سجلت في دمشق أمي فرحت كثير وقالت اي احسن لك من سويسرا أحسن ما تصير مثل أخوي وما ترجع لنا ، بالأخير ما رحت ع سويسرا بس كمان ما رجعتلهم .


▃▃▃▃▃▃


سـ : بسوريا ، التحقت بكلية الطب مباشرة ؟


فعلاً التحقت بكلية الطب .. وكنت متأخر يعني التحقت بشهر شباط ، ومع ذلك هذيك السنة نجحت فيها بالرغم من التأخير بالتسجيل .. نجحت بسبب أنَّه صار عندي نوع من التحدي ، يعني وإذا كان بالشهر الثاني ؟ هذا لا يعني أنه ما أنجح .. في البداية قلت لنفسي أنه خلاص هالسنة نقضيها عادي ونتعرف ع المدينة .. كانت الأمور كثير غريبة فطبيعة بغداد غير طبيعة الشام .. هناك تسكن بـ ( فيلا ) هُنا بالمقابل تسكن بشقق، الشقق عنا مذمومة .. تفاجأت بوجود قبو هُنا ( يضحك ) .. كان أمر غريب أشوف ناس تعيش بقبو فالأخير وكما كنا نقرأ في القصص .. كان مكان لتخزين النبيذ .

تغيرت عليي أشياء كثيرة .. ولكن الحمد لله المدينة كانت جميلة لا زالت جميلة لحد الآن .. أكبر دليل على ذلك هو أنَّه صحيح هوائي في بغداد لكن بالأخير حياتي هُنا .. النبي صلى الله عليه وسلم كان هواءه في مكة لكن سكن المدينة .


▃▃▃▃▃▃


سـ : دخلت الطب عن قناعة ؟

دون شك 


▃▃▃▃▃▃






سـ : السبب ؟ الناحية المادية .. البريستيج .. أم الرغبة في تقديم الخدمة ؟


هذه العبارة دائماً الواحد يقولها .. لا تنسى أنَّي أتحدث الآن بآخر مراحل ممارستي للطب .. والحمد لله لم تكن مادية وما يثبت هذا الشيء هو هذه المراحل الأخيرة وليست الأولى من حياتي ( يضحك ) .

الإنسان يبحث عن أمرين في حياته .. يبحث عن جاه وعن مال ، هلأ كثير من الناس تدخل الطب لأنَّه يحقق لها هالأمرين، دون شك في عدد كبير من الناس سيكون هذا مسعاهم ، أكون طبيب .. سمعة الطبيب كثير عالية وبنفس الوقت مدخول مادي فتتحق هالأمور .

فانت لما تدخل وتستطيع أنه تحور هالمفهوم من جاه ومال إلى حقيقةً خدمة .. هذه عملية الـ ( Turning - تحويل ) للمفهوم تحتاج لمجاهدة كبيرة .. نعم ادخل لأنَّك ترغب بالمال والجاه ولكن اسعَ لهذا التحويل وحولها لخدمة .. وأي خدمة ؟ الخدمة تكون سواءً لمريض أو حتى تجاه طالب .. أن تعلم طالب بإخلاص .

لا أخفيك، أنا قبل محاضرة أعطيكم إياها أتمتم بلساني أشياء أنتم لا تسمعوها، أشياء أحكيها بيني وبين نفسي .. هذا اللي أحكيه أمرين : الأول : أدعو الله أن يفتح أذهانكم وتفهموني .. الأمر الثاني : أدعو لجميع الحاضرين في محاضرتي بالتوفيق وهم لا يعرفون بذلك .. أقول ( ربي فهمهم ما أقول ووفقهم ) .. هذا الشيء أتمتم به قبل كل محاضرة .

لأنَّه أجعل مسيرتك التي بدأت بشيء ، ثم إذا ما كانت نية الخدمة غير حقيقية بهذا ستجعلها حقيقية .. وبالنسبة لي أعتبر هذه مجاهدة الطبيب تتمثل في أن تحرف المفهوم نحو الإتجاه الصادق والحقيقي .

أنا أعتبر جاهي هو طلابي .. اللي هم أكيد يحترموني ويحبوني وأنا كذلك أبادلهم نفس الشيء، وشخصياً أعتبرهم جزء من حسناتي، لأني أحاول أكون مخلص في تعليمي لهم وقد يتواجهوا في البداية بصورة يعتبرونها قاسية ، لكن أوكي .. أحياناً نحن وصغار نشوف آباءنا قاسيين لكن مع الوقت نكتشف أنَّهم كانوا يسعون لمصلحتنا .

مين وهو صغير فيكم نسي كم كان الحمام صعب لما يسحبوك ع الحمام لما تحممك أم ، الآن بعد وقت طويل اكتشفت أنَّ هذا الحمام اللي كان لك كابوس ، هو الشيء اللي لازم يصير .


▃▃▃▃▃▃


سـ : خلال سنوات الطب ، أي فترة أصعب العلوم الأساسية أم السريرية ؟


دون شك العلوم السريرية .. أولاً أنا شخصياً لأنَّ الدراسة كانت بالعربي وما أحبها، كنت دايماً أرفق فيها دراستي لأي مادة باللغة الإنجليزية فعملية أنَّك تدرس بشكلين كان عبء كبير .

ما أنسى خصوصاً لما يكون عندك هوايات أخرى لازم تمارسها إضافةً لدراستك الطبية .. وأنا شخصياً ما حرمت هالهوايات ، لما كنت صف أول وثاني ، سنة الـ 71 ألغوا الإعدادي فحطونا صف ثاني رأساً دون ما نطلع للأول وبهذا كانت سنتين في سنة ، أذكر في تلك السنة كان 28 من شهر 8 هو آخر يوم امتحانات .. أي كامل الصيف فكانت كثير سنة صعبة ومع ذلك نجحنا فيها .. وهذا يثبت لك أنَّ الإنسان إذا وُضعت عليه ضغوط قادر يتحملها .



▃▃▃▃▃▃


سـ : أثناء دراسة الطب في ست سنوات .. كيف كانت حياة دكتور سعد ؟ هل كانت محصورة بالدراسة ؟


كانت من أروع ما قضيت في حياتي، أولاً كنت مقسمها تقسيم جيد ، شيء للدراسة وشيء لأمور خارج الدراسة 
يعني كنت بالكاد في جلسة موسيقية بالمدينة ما أحضرها، كنت مشترك بنادي السينما اللي هو بسينما الكندي، بحيث كل يوم اثنين يقدموا فيلم وهُناك مناقشة .. كنت أحضر تقريباً كل الجلسات الأدبية بالمدينة بكل ما تحمله ( كل ) من معنى، ما أفوت أي جلسة .. بل كنت أحضر أيضاً محاضرات بجامعات أخرى في حال كان الأستاذ مميز .

لحد الآن ما أنسى ، بكلية الفلسفة كان في أستاذ اسمه أنطون مقدسي، من خيرة أساتذة الفلسفة توفى الله يرحمه وكان رئيس قسم الفلسفسة، كانت دايماً أجتهد لأحضر محاضراته بكلية الآداب .

أذكر كنت أحضر لأدونيس لما جاء لدمشق بعد الحرب الأهلية في لبنان .. كنت لا أفوت أي محاضرة له في كلية الآداب .

أتذكر بالسنة الثالثة سجلت في معهد الألسن لأتعلم اللغة الفرنسية .. ما كنت أفوت أي شيء .

ومع كل هذا .. ما كنت مقصر في الطب، كنت حس أني جاي مارس حياتي الإعتيادية ونحضر .

أنا أذكر لما اجا صبحي الوادي ( مؤسس الفرقة السمفونية السورية وبالمناسبة هو عراقي وتوفي مؤخراً قُبيل 4 سنوات ) .. كان عنده محاضرة في المركز الثقافي الألماني وكنت أنا حاضرها، فأثناء المحاضرة يعني صار في مداورات بيني وبينه في موضوع المحاضرة اللي أعطاها آنذاك عن الموسيقى ، فبعد ما انتهينا من الجلسة اجا قعد جنبي وقلي نحنا في صدد تأسيس الفرقة السمفونية السورية وأنا كثير بنبسط إذا بتشترك معنا .. فأنا تفاجأت وقلت له أنا لا أجيد العزف على أي آلة .. فهو فكر أنه أنا بعزف لكن عزفي رديء .. فقال لي هي بنظبطها ( يضحك ) .. فقلت له جد .. أنا ما مسكت أي آلة موسيقية بحياتي، فقال لي بمعنى الكلمة ؟ قلت له أبداً .. فقال لي : لكن هذا الحكي اللي كنت عم تحكيه ما يدل على ذلك، كنا نتناقش وقتها عن فن الفيوجا عند باخ، فقال لي أنَّ هذا الكلام ما يحكيه شخص ما بيعزف .. فقلت له اي نعم هذا أنا .. فكان متفاجئ ورجع لي مرة ثانية وقال لي ممكن نحل مشكلة العزف وأنا عم دور على عناصر تفهم بهالشغلة .

هذا المثال بس لتوضيح أني كنت متعمق بأمور غير الطب .. ومع ذلك ما كنت مقصر بالموضوع الطبي .. أنا بالسنة الخامسة أخذت ECFMG .. أي قبل التخرج مثل انتوا الآن كيف تاخذون USMLE قبل التخرج .. كان الإمتحان وقتها مرحلتين لكن بيوم واحد وأنا وقتها قدمتها بالأردن فلم يكن مركز بدمشق .

أنا حتى الآن تلك الفترة أشوفها رائعة، إضافةً لذلك كان عندي مطالعات ثانية ودروس في الفلسفة والآداب وحتى أتذكر في سنة الـ 1975 رحت بيروت عشان أسجل بكلوريس فلسفة، كان عندي كثير رغبة بهالفرع لكن لسوء الحظ .. في تلك الفترة لما رحت بيروت بدأت الحرب الأهلية وانحرمت أنا من هالموضوع، فأنا واقعياً تضررت من الحرب الأهلية بلبنان (يضحك) .. كان هلأ عندي بكلوريوس في الفلسفة .


▃▃▃▃▃▃






سـ : قرأت كتاب 1000 صفحة عن النيفيديبين ؟ هل هذا الطبيعي أم أنت استثنائي ؟


(يضحك) .. شوف قد يكون استثنائي، لكن شوف .. لا تقدم على شيء لا تجيده، وانت إذا كنت طبيب فلازم تجيد هالمهنة وهذه المهنة واسعة جداً .. إذا كنت تريد تكون طبيب متميز يجب أن تجيد ما تمارسه، هذا المبدأ اللي كنت ماشي عليه .

كلكم تعرفون الآن عندي هوايات زراعية، واللي هي ما كانت موجودة، متى صارت ؟ لما صار عندي حديقة واللي عمرها الآن 10 سنوات .. فلما بديت كان عندي تراكمات ثقافية حول الحديقة .. تراكمات أسرية ، لأنَّنا في بيتنا أساساً تربينا على حديقة وأزهار واعتناء فيها وهذا .. لكن هذا لا يكفي، لما دخلت في عالم الحديقة أصبحت أطلع ولا تنسى أنَّ وجود لغة ثانية عندك كثير يساعدك بهذا الأمر .. فدخلت لهذا الموضوع وصرت أطلع، فالآن ما أحط نبتة إلا وأنا أجيد كل حيثياتها .

فالقاعدة العامة : " لا تقدم على شيء حتى تُجيده " .. دون شك إجادة أي شيء يستحق جهد .. جهد عقلي ، بدني وكلهم تمارسهم .

بالنسبة للنيفيديبين، هذا دواء كنت أستخدمه .. الـ CCB لما نزلت يعني كانت مثل انفجار في عالم الطب القلبي .. كنت حس أنَّه لازم أكون ملم بهالشيء، وهذا الأمر تكرر معي أيضاً لما ACEi نزلت .. أذكر لما كنت أدرس في ليبيا وأتابع المرضى كنت أول من استعمل الـ ACEi في تلك المدينة بحيث كانوا المرضى يجيبون الدواء ويسألوني هذا اللي طلبته ؟ وبعدين أنا طلبته من وزارة الصحة أنه هذا الدواء استعمله .. هلأ هذا الدواء كان وقتها صار له 5 سنين نازل عالميا وما استخدمته وطلبته إلا لأني كنت مطلع عليه تماماً ..



▃▃▃▃▃▃



سـ : بعيداً عما قد يُقال من تصنيف حول ثقة وغرور .. بسلم من 1 إلى 10 .. كم تُقيم نفسك علمياً !؟


هلأ التقييم العلمي شوف .. أنا لا أعتبر نفسي إلا طالب مثلكم، كل ما في الأمر أنكم Young بينما أنا Old
أنا وإن وقفت لأدرسكم .. فأنا لا زلت طالب ، فتقييمي هو تقييم طالب ويجب أن تبقى طالب لآخر حياتك العلمية 
الطالب يحتاج دوماً لمن هو أعلى منه حتى يقيمه، الآخرون يقيموني .


▃▃▃▃▃▃



سـ : قصة التقييم تقودني لسؤال جديد .. حضرتك انتقدت كتاب ماكلاود في حضرة كاتبه دون علمٍ منك بأنَّه هو الكاتب، احكيلنا عن القصة ؟


اي هذه كانت سنة الـ 96 ، كنت أروح كفاحص خارجي في مدينة طرابلس وكان يجي دكتور " مونرو " اللي هو محرر لكتاب ماكلاود، ونلتقي كل 6 أشهر في لجنة امتحانية .. في إحدى المرات هو سألني انت ايش بتدرس ؟ قلت له قلبية فسألني عن الكتاب اللي مقرر عنا بالجامعة في بنغازي ( جامعة العرب الطبية ) .. فقلت له أنَّ الكتاب المقرر هو ماكلاود لكن أنا ما بدرس منه .

سألني عن السبب ؟ فجاوبته أني قريت شغلة بالقلبية شفتها مو صحيحة فقلت ما رح أدرسهم منه .. سألني شو هو اللي مو صحيح !؟ 
قلتله عن الـ Pulsus Alternans .. مكتوب النبض يكون Strong and weak .. قلي طيب شو الغلط بهاد ؟ قلتله Pulsus Alternans بيصير بقصور القلب وما في شي اسمه Strong pulse بقصور القلب .. في شي اسمه Weak and weaker .

فهو هون صفن وفاجأني .. وقلي اي صح كلامك مزبوط بس مو انا اللي كاتب هالشابتر، هذا الشابتر كاتبه كريستوفر فأنا هون تفاجأت وقلتله انت مونرو تبع ماكلاود ؟؟ 


وقتها طلب مني أني أسجل ملاحظاتي على الكتاب مقابل وضع اسمي على الكتاب .. بطبيعة الحال هذا ما حصل إلا لأني شخصياً أهتم كثير بالـ Basic Medicine اللي هي ( القصة والفحص السريري ) وأعتبره الفن الحقيقي في حياتي الطبية وأساس الطب .



جون مونرو إلى اليسار



ما بعرف بالأجيال القادمة هل ستبقى تعتني بهذا الأمر أم أنَّ التقنيات رح تغلب عليها، أنا ما جعلت التقنية تغلب عليي، اهتميت بالتقنية بشكل ما بقلك بصورة كاملة ، لكن ما تركت التقنية بس حافظت ع الأساسيات ومتابعها ومتابع حتى تاريخها وأعتبر نفسي أنَّه لكي تكون طبيب جيد لازم تتقن هالفن هذا .. فن القصة والفحص السريري .

كان عندي جلسة وقت كنت أشتغل ، كانت يوم ثلاثاء ، كنت أعنونها بـ " Cases i missed - حالات ما شخصتها " .. وهذا كان يثير غرابة الأطباء، أنَّه الناس تقدم حالات تتباهى باللي شخصتها، أنا كنت أقدم الحالات اللي ما شخصتها وكان أساس الجلسة لما أقدم الحالة هو ذكري أنه ليش أنا ما شخصتها ؟ راح أرجع للحالة وأشوف اني ما شخصتها مو لأني مو قاري آخر مقالة بالمجلات الطبية العالمية .. بل لأني ما أخذت قصة وفحص سريري جيد .


▃▃▃▃▃▃




سـ : بالفعل أذكر مرة كتبت على صفحتك الشخصية :" إذا فاتك تشخيص ، لا تظن أنَّ هذا بسبب نقص معلوماتك النظرية بل لأنَّ لديك خلل في أخذك لقصة المريض أو فحصك السريري له ".


بالضبط وهذا شفته بكل ممارسة الحياة هيك .. هلأ ليش الواحد قصر ؟ لأنَّه مشوش .. ما عنده وقت ويُطلب منه أنه يشوف عدد كبير وهذا كان ولا يزال أحد الإشكاليات الكبيرة اللي بيعاني منها الأطباء .. وهذا أنا عانيت مع هالأمر فأنا ما بقدر أشوف في العيادة الحكومية اللي عملت فيها أكثر من 15 مريض باليوم .. في عدد كبير بيجي وكنت أعاني من هالموضوع وتجي الواسطات ومدري ايش لكن أنا فعلاً ما عندي قدرة على أكثر من 15 مريض .. ليش ؟ لأني ما أستطيع أشغل فكري بعد هالـ 15 حالة بالمقابل أعطي لكل واحد من اللي أشوفهم حقه التام في القصة والفحص وكنت أشخص حالات من خلال الفحص والقصة .. مثلاً كنت أعرف مريض قصور قلب غير معاوض من خلال قصته لأني أعرف أنَّ هذا المريض هلأ رح يقلب العنب تبعه وبالتالي جهد إضافي وتعرق زائد وإرهاق وبالتالي انكسار معاوضة .

لذلك حتى تكون طبيب جيد .. ركز على هذيْن الأمرين .. أنت تشخص لأنَّك تأخذ قصة وتقوم بفحص ممتازيْن ولا تُشخص لأنَّك تقوم باستقصاءات .. انت لاحظ بالممارسات اليومية يجوني طلاب يورجوني X-ray أو شوف لي هالتحليل .. والدك وينه ؟ بالكويت أو بالسعودية .

هذا نوع من الممارسات مخرش وأنا المفروض ما أزعل الطالب ، لأنه بيفكر إذا رفضت أنَّه من باب عدم رغبتي بالتعاون، لكن الواقع هو أنَّ المريض ليس ورقة تحليل أو صورة شعاعية مرسلك عبر الوسائل الإجتماعية واعرضه على هذا الدكتور .

وأحياناً تعطي رأي يطلع غلط وتطلع انت بالنهاية ما تفهم ( يضحك ) .. لكن بالنهاية هذه ممارسة غير صحيحة .

▃▃▃▃▃▃



سـ : بعد الطب بسوريا .. وين تنقلت بحثاً عن العلم ؟


أنا تنقلت بمسافات كثيرة .. رحت للخليج وعشت فترة ورحت لبريطانيا ثم عدت إلى سوريا وكان عندي إعاقة في ذلك الوقت وهو جواز سفري .. النظام في العراق كان قاسي والحصول على جواز سفر آنذاك كان كثير صعب وهذا كثير أعاق من تحركاتي في حياتي وبالأخير بقيت في بلد ما كنت أتوقع أني أعيش فيه وكثير ناس تشوفه ليس بلداً بل منفى .. اللي هو كان في ليبيا وعشت فيها 17 سنة واللي أخذت عصارة نتاجي الحياتية لكن الحمد لله عندي أطباء تخرجوا من هناك ودرستهم ولحد الآن هناك تواصل معي .

كنت مرتاح لهالناحية .. صحيح كنت بعيد والبلد ليس من السهل العيش فيه والنظام القبلي الصعب هُناك ثم الحصار والتنقل الصعب منه وإليه، فمثلاً كنت أحتاج أتنقل مسافة 1700 كم لأستقل طائرة تأخذني لسوريا أو عمان .

وبالأخير الأولاد كبروا واجيت الى سوريا وما كان عندي رغبة بأني اروح للعراق .. بحثت عن الإستقرار بجنب الأولاد قبل أن تبدأ مسيرتي مع هذه الجامعة .







سـ كيف انضميت للجامعة !؟



أنا كان معروض عليي الإنضمام لها لسنتين وما داومت، كان دكتور عبد المجيد السعدون الله يذكره بالخير رئيس الجامعة يبعث ورايي وأقول له مشغول .. هذا الأمر استمر سنتين .

فهو سأل صديق مُشترك وصار حوار بينهم ..

د. عبد المجيد السعدون : د. سعد بشو مشغول ؟
الصديق المُشترك : د. سعد ما عنده شي .. ما مشغول بشي
د. عبد المجيد السعدون : بس انا قلت له مرتين يجي وقال لي مشغول بشي ضروري بس أخلص منه بجي
الصديق المُشترك : د. سعد مشغول بحديقته ما عنده شي غيرها ( يضحك د. سعد ) .
د. عبد المجيد السعدون : معقولة ؟؟
الصديق المُشترك : اي نعم .. ما عنده غير الحديقة 

فالدكتور عبد المجيد بعدها اجتمع فيني بمطعم وحكالي القصة وقلي بالأخير طلعت مشغول بالحديقة ( يضحك ) .. وبعدها تناقشنا وتوفقنا .


▃▃▃▃▃▃



سـ : شو هي الشهادات العلمية اللي حصلت عليها ؟


هلأ أنا حقيقةً بسبب الأوضاع في بريطانيا ما استطعت الحصول على العضوية رغم أني قدمت الجزء الأول لكن بعدها للظروف خرجت وما كملت وبهذا امتنعت عن تقديمه، وما كان في ذلك الوقت مكان آخر غير بريطانيا عشان أقدم فيه وكنت جاهز فعلياً لأقدم الجزء الثاني .

اجيت هون لسوريا .. عملت شهادة الإختصاص السورية مرتين مرة في الطب الباطني والثانية في القلبية .


▃▃▃▃▃▃


سـ : تحكيلنا شوي عن عائلتك الكريمة .. كم ولد عندك ؟



أنا أب لخمس أولاد .. 
الكبيرة : دكتورة تعمل الآن في عمان .. اختصاصية باطنة
الثاني : طبيب أسنان هو الآن يعيش في ألمانيا .. درس وتخرج هُناك وفتح عيادة هُناك وهو جيد الحمد لله
الثالثة : بنت تختص الآن ماجستير هندسة كمبيوتر في ألمانيا
الرابعة : طبيبة أسنان تعمل ماجستير الآن في جامعة دمشق
الأخير أحمد : سنة أخيرة صيدلة 

عنا جهاز طبي مؤلف من 2 أطباء أسنان وطبيبة بشرية و صيدلي إضافةً لمهندسة


▃▃▃▃▃▃






سـ : مُزارعٌ أهوى الطب .. احكيلنا عن قصة هالعبارة الشهيرة لك ؟


( يضحك ) .. هو تعرف احنا بلغنا فترة من العمر .. وهذا يذكرني بوالدي بعد ما تعاقد، عندنا حديقة فكان يبذل وقت أكبر بالحديقة وشفته كنت مرتاح أكثر .. فبعد ما صار عندي حديقة تشكل عندي نوع من التحدي أني لازم أخليها أحلى من حديقة بيتنا .. طبعاً ما حسنت أسوي هالشي، لا زالت حديقة بيتنا في بغداد واللي يشرف عليها أخي أجمل .. هي خبرة متراكمة عن أبي بالرغم من أنَّ والدي رجل حقوقي وليس فلاح لكن كانت عنده اهتمامات زراعية .

حديقتي فيها تنوعات جميلة .. ومين ما اجا ينبهر فيها ، فيها ثقافة حديقة وبعد فترة 8 سنوات حولتها لمهنية أكثر وعلمية أكثر وطبعاً هذا متحقق لأن الآن عبر النت تأخذ المعلومات اللي تريدها عن أي نبتة .

من حسن حظي أنَّ زوجتي هي أيضاً حابة هالهواية بل وتشتغل بالحديقة أكثر مني، لكن هي ما عندها إطلاع ع النت مثلي فتسألني في بعض الأمور هي شو وهي شو .. لكن في بعض الأحيان هي تختار الأمور بحسب النظرة الفطرية .. فأنا بصفن وبعدها بقلها تمام إذا نجحت فانتي الصح واذا ما نجحت نرجع للناحية العلمية .



حديقة بغداد


▃▃▃▃▃▃



سـ : زوجة حضرتك دمشقية ؟ 


اي نعم .. وهي صيدلانية




سـ : هل هي السر وراء جملتك " عشقي دمشقي ". ؟



طبعاً مرة نزلت بيت شعر بهالشي للشاعر " أحمد صافي " العراقي الذي عاش في دمشق ويعرفه شعراء دمشق في الخمسينات والستينات وهو فيلسوف أكثر منه شاعر، كان يتردد على مقهى الهافانا .. من جملة اللطائف اللي صارت له أنَّه مرة من المرات غير جلسته لمقهى آخر، فراح له صاحب المقهى وهو يبكي قله أستاذ الله يخليك المقهى رح تفلس .. الناس كانت تجي لوجودك فارجع فـ شايك وشاي ضيوفك عليي بس ارجع .

واشتهرت مقهى الهافانا بهذا الشاعر اللي هواه دمشقي .. فهو قضى آخر فترة في حياته بدمشق ثم ذهب للبنان في فترة الحرب الأهلية وأُصيب بجرح في صدره آنذاك ودخل المشفى ثم نُقل للعراق وهُناك توفي .

أحمد صافي هذا الشاعر هو أحد الأدباء الذين ترجموا رباعيات الخيام، ومعروفة رباعيات الخيام ترجمها أيضاً أحمد رامي اللي هي غنتها فيروز .. أحمد رامي هذا الشاعر المصري المشهور لما ترجم رباعيات الخيام ما كان مطلع على ترجمة أحمد الصافي .

فيما بعد جابوله الترجمة وقالوله اطلع على ترجمة هذا الرجل .. فلما قرأ ترجمة أحمد الصافي ، قال أحمد رامي :" هذا هو الأصل .. والخيام هو من ترجمها ".. جملة تدلك على أنَّ ترجمة الصافي كانت أقوى من النص الأصلي وتدلك على شاعرية أحمد الصافي رحمه الله والذي توفي في السبعينات وأظن 77 .

كان يعشق دمشق ورجل فقير .. انا لما اجيت لدمشق كان هو موجود فلما كنت مر من أمام مقهى الهافانا كنت أشوفه ، كان يمتلك الأدب العراقي في أجواء الياسمين الشامي .. أتصور هذا بيكون أجمل إبداع .


▃▃▃▃▃▃








سـ : بعد سوريا ومحطة بنغازي .. دكتور سعد رجع لسوريا مُجدداً لكن لم يعمل كطبيب بل كُمعلم ، خيار أم ظروف ؟

ليس خياراً للأسف الشديد .. القانون السوري منع من ذلك


▃▃▃▃▃▃


سـ : بالرغم من أنَّك خريج سوريا ؟

نعم ، بالرغم من ذلك، وهذا وفق قانون في 2006 يمنع العراقيين من العمل في المجال الطبي في سوريا .. راجعت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والجواب كان ممنوع إلا في حال كان لديك تسجيل قبل 10 سنوات من هذا القانون .. وهو قانون غريب وأعتبره مو حقيقي .. لكن بطبيعة الحال هذا ليس أول حقٍ غُصبناه .


▃▃▃▃▃▃


سـ : هل منحك التعليم متعة مُساوية للعمل كطبيب ؟


هلأ ما فيك تفصل بيناتهن، كنت أتمنى أني أمارس وحتى كل اللي ادرسهن كانوا يسألون ليش هذا ما يدرس رغم كل اللي يقوله من علم ؟ في الواقع أنا محروم من ذلك والمرضى محرومين من ذلك أيضاً .. لكن هذا هو القانون واحنا أحياناً ندفع الثمن وغيرنا يدفع الثمن .


▃▃▃▃▃▃


سـ : اجتك عروض من الخارج للعمل ؟


لحد الآن تجيني عروض ، من الخليج ومن العراق أكثر وحتى أثناء زياراتي دُعيت لوزارة الصحة في بغداد بشكل رسمي وقابلت وزير الصحة اللي كان متحمس لأني أكون في بغداد ولكن كان الرد صريح بأني مرتاح هنا في دمشق .


▃▃▃▃▃▃


سـ : انعرضت عليك بعض المناصب السياسية في العراق ورفضتها .. ما السبب !؟


نعم ، ووضعت لها شروط قاسية مثل ما بيقول المثل ( اللي ما بده يزوج بنته، يغلي مهرها ) ( يضحك )، مناصب عالية في الواقع وكانوا يتصلوا علي دوماً لكن الآن توفقوا من فترة، قطعوا الأمل لكن هذا الموضوع حدث وأنا حطيت شروط معينة كانت بالنسبة لهم شبه تعجيزية .

كان عندي أصدقاء، د. المشهداني وهو رئيس البرلمان، جاء إلى دمشق في 2008 وأعطاني ورقة بيضاء موقعة وقال لي اكتب فيها ما تشاء وكان إحراج شديد لي .. كان أكثر شخص أحرجني وهو أيضاً صديق عزيز .

هو صارت له مشكلة معروفة آنذاك وعلى ضوءها قدم استقالته من البرلمان، فأنا شفته وقت الإستقالة .. فأنا قلت له شرطي الوحيد هالمرة وهو أن يسحب الإستقالة (يضحك) وكنت عارف أنَّه ما رح يقبل الإستقالة .


▃▃▃▃▃▃


سـ : سعيد برفضك لهذه المناصب ؟


اي نعم سعيد، لأني أعرف لو دخلت لهذا العالم وهو عالم السياسة، فهو عالم متعب والحمد لله استطعت أن أنجو من شراكه .


▃▃▃▃▃▃


سـ : أحد الأطباء اللي مروا في مسيرتك كان يتحداك .. وبالنهاية كان هو الخاسر، تحكيلنا القصة ؟


تتواجه أحياناً بحياتك بناس عندهم اعتزاز بأنفسهم، وأنا بواقع الحال أحاول ما اصطدم مع هؤلاء، نعم إذا كان ممارستك ستؤثر على حياة مريض فأنا سأتدخل، ليس لأن أثبت لك أني أفهم منك بل لأجل المريض .. وهالمواقف صارت معي أكثر من مرة.. أحاول أصبر على هؤلاء ولما أتدخل ما أقصد إساءة له أو تحجيم ، لكن لمصلحة المريض قبل كل شيء.


▃▃▃▃▃▃



سـ : د. سعد .. أثناء فترة دراستك وشبابك من كان بيت سرَّك، لمن كُنت تبوح ؟



شيء جميل هالسؤال .. سأخبرك هذا الشيء، بيت سري هو ( مخدتي )، لو في جهاز يوم من الأيام يستطيع أن يكشف ما أودعته فيها راح يكون مسلسل طويل جداً .. قسم منه حقيقي وآخر خيالي ولا زالت المخدة حتى الآن هي بيت سري .


▃▃▃▃▃▃






سـ : حققت أحلامك اللي كانت راسمها لنفسك ؟


من دون شك، أنا حاولت أن أسير حياتي بشكل يكون فيها مرضاة ربي، في نقاط محورية في حياتي تحقق فيها هذا الشيء وأنا جداً مرتاح لهذا الأمر .

في شي اسمه ارتياح وفي شي اسمه رضا، أكيد ما حدا رح يرضى عن حاله، لكن أنا مرتاح لأني سويت أمور محورية في حياتي، كنت جداً مرتاح فيها الحمد لله .. شو هنن ما رح احكيهن، لكن مثل هاللحظات قد تكلفك شد عائلي أو مشكلة ما لكن الحمد لله بالأخير كانت دوماً نهايتها جيدة .


▃▃▃▃▃▃




سـ : لو طُلب من د. سعد اختيار اسم طالب في مسيرته التعليمية لا ينسى اسمه .. من سيكون ؟



هلأ شوف .. ما مهم الإسم، الطالب بيهمه اسم الأستاذ بينما الأستاذ بيهمه نوع الطالب، في طلاب عندي وسأضرب لك مثال.
الطالب المُجد عندي هو اللي تصير في علاقة سريعة بيني وبينه، في عندي طلاب كنت أدرسهم كنت أحبهم بشكل لأنهم كانوا مُجدين .

هلأ الطالب إذا كان مُجد وبنفس الوقت يتمتع بأخلاق عالية فهذا هو التكامل .. هذا يتحول من طالب إلى صديق بواقع الحال وهم إلى حد الآن يتواصلون معي ولما يكتبون لي رسائل يكتبون الوالد المُحترم ما يخاطبوني بصيغة أستاذ، يكتبون ولدكم .. ما يكتبون دكتور فلان .

الآن اثنين من الطلاب وأعلام في أحد المشافي في قطر ويكتبون بهذه الطريقة وهذا يدل على العلاقة الطيبة اللي ممكن تصير بيني وبين الطالب المُجد .

كان عندي طالب، في كل استدعاء لي للمشفى ليلاً كنت أشوفه، كان طالب سنة رابعة وحتى لو استدعيت في يوم تالي كنت أشوفه وهذا كان نظامه في سنة رابعة وخامسة، فلما تخرج كان الأول .. في ضمن اللوائح شهرين قبل أن يلتحق الطالب بسنته السادسة تدريبياً، هذا الطالب اجا لي وطلب مني اتدخل عند العميد وأستعجله بهذيْن الشهريْن بحيث يلتحق قبل بوقت ويستغل هالشهريْن .

أنا قلت له أنَّك الآن خارج من امتحان نهائي وتعبان وتخرج .. روح ارتاح وصيع واشرب عصير عند ابو شاكر :D، غير جو !
فقال لي عبارة مستحيل أنساها : دكتور أنا الإمتحان كان أسهل شي عندي لأني تعبت خلال هالسنتين فالإمتحان كان بالنسبة لي نزهة، والآن أنا مرتاح جداً فالراحة أخذتها أثناء الإمتحان .

الآن الطلاب أصعب وقت عندهم الإمتحان، عكس هذا الطالب تماماً .. وخلي في بالك هالشيء
" ما أدركته لم يكن ليفوتك = ما أدركته في الإمتحان لا يمكن يفوتك لأنك محضر
" وما فاتك لم تكن لتدركه = واللي رح يفوتك في الإمتحان لا يمكن تدركه لأنك مو محضره ".


فأنت بمقدار ما تُدرك رح يكون الإمتحان سهل عليك .. فأنا صفنت مع هذا الطالب وجملته .. هذا الطالب كان بالنسبة لي النوعية المُجدة .

انت تسألني عن اسم .. وبالواقع ما رح أعطي اسماء فكل الطلاب واحد، وبالنهاية كما قلت الطالب المُجد مع الأخلاق العالية هو الأول بالنسبة لي .. أما الطالب المُجد بدون أخلاق فهذا ليس بطالب، هذا مُتعب والحمد لله ما شفت من هالنوعية .

كل الطلاب اللي شفتهم آكلين على سفرة أبوهم وأمهم ومسميين قبل الأكل، وهذا شيء مهم أن تسمي على الأكل قبل الطعام أمام أمك وأبوك .. خليه يسمع تسميتك لأنَّه رح يرتاح ويعرف أنَّ ابنه صار .. كل شيء لا تسمي عليه فهو أبتر .


▃▃▃▃▃▃



سـ : الدفعات اللي درستها في الجامعة .. شو بتقدر تذكرنا بدفعة معينة ؟



دفعة قبل سنتين تخرجت، كانوا يسهروني للساعة وحدة، كانوا يحلوا أسئلة وطلبوا مني أتابعهم بحل الأسئلة ضمن مجموعة خاصة بهم، كنت أكتفي بالمتابعة وما أتدخل إلا لما يصير في عندهم مطب وما عرفوا يجاوبوا، في واحد منهم طبعاً يكون جاوب جواب صحيح .

فهم لما يوقفوا ينادولي انه فضلاً دكتور سعد .. فأنا بقولهم :" في تعليق حطيت عليه لايك ، دوروا عليه " (يضحك) .. فيبتدوا يرجعوا بتعليقات كثيييرة .. طبعاً لما سهروني للساعة وحدة فهذا يعني عندهم اهتمام .

في أحد الطلاب منهم كان الكيبورد ما عنده عربي فكان يكتب إنجليزي معرب، اللي هو قصي رشيد، هذا ما كنت أفهم عليه فأدخل وأقول لهم ترجموا لي ما يقول (يضحك) .. هو حالياً بالسويد وكان طالب لطيف .


▃▃▃▃▃▃



سـ : ورأيك بدفعتنا ؟






الرأي بدفعتنا سيكون بعد التخرج (يضحك) .. الرأي انتم تولدوه وليس أنا .. الطفل هو اللي بيحبب والديه فيه، لما يطلعوا فيه يبتسم لهم فانتم الآن ابتسموا لنا لأن لحد الآن ما ابتسمتوا لنا، الإبتسامة رح تكون بنتائج الإمتحان .


▃▃▃



سـ : هل من نصيحة لطلاب الطب ؟


نصيحتي لكم .. اقروا كتب طبية كتير، لكن لا تنسى، بنفس المقدار الذي تقرأ فيه الطب .. لازم تقرأ فيه القرآن لأنَّ هو اللي رح يوفقك في الطب .. لا تبتعدوا عن هذا الربيع وإلَّا ستكونوا في شتاء .. وإن كنت في شتاء عقلي فطبك سيكون شتاء عقلي .. هما في ارتباط .

دوماً انطلقوا من ربيع القلوب اللي هو القرآن .. وهو أساس كل شيء .


▃▃▃


سـ : كلمة الختام ؟


أدعو لكم بالتوفيق والتوفيق الدائم وأن تحافظوا دائماً في كل حياتكم على التكليف .. أنت مكلف والتكليف تشريف، مُكلف بأن تُمارس الطب، فمارسه كتكليف وليس كجاه ومال .. إذا نظرت لهذا الموضوع بهالشكل .. أنت هُنا كأنك أمام تكليف شرعي وهو تشريف .

الأستاذ لما يطلب من طالب خذ هذا الدفتر للإدارة، الطالب يفرح أنَّ الدكتور اختاره من بين الكل عشان يوصل الدفتر، أو كما في حالة امسح اللوح .. يرى فيه تشريف وهكذا العلم .. وبإذن الله رح تتوفقوا إن شاء الله .



.
.





ليست هناك تعليقات :

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2015/2016 SPU-MED